عن لغة “ضدّ المقاومة”

lvl220240129114309279

 

ليلى عماشا

ما الذي يبتغيه غربان الهزيمة من التسويق لِمَا لا يتجرّأ الصهيوني اليوم حتى على تمنّيه؟ ما الذي يتوقعونه وهم يطوفون على شاشات التلفزة ومنصات التواصل وهم يتباكون كذبًا ويتحدثون عن المآسي التي ستقع، أو عن مآسٍ “تخفيها” المقاومة؟ ما الذي يطمحون إلى تحقيقه الآن وقد خابت في السابق محاولات التضليل والتحريض كلّها التي قاموا بها ضد المقاومة وأهلها؟ وهل هم مقتنعون بما ينطقون به، أم هو مجرّد ترداد ببغائي لتعليمات تأتي ولا يمتلكون حتى حقّ النقاش فيها؟

أسئلة كثيرة تحيط بالكثير من “الظهورات” الإعلامية لأسماء ووجوه باتت تزايد على الصهاينة في العداء للمقاومة، وفي خضمّ الحرب!

في حال الحرب عادةً، يحتشد المجتمع خلف الجهة التي تقاوم، بعيدًا عن أي خلاف سياسيّ معها أو اختلاف عقائدي عنها، على الأقل لحسابات المصلحة الوطنية ومجابهة الخطر المحدق. وإن كان من فئة تستمرّ في معاداة هذه الجهة خلال الحرب، فهي تمارس هذا العداء بعلانية ومن دون لعب على أي وتر رماديّ: فئة تعلن ولاءها إلى معسكر العدو وتُحاسب فيما بعد على خيانتها العظمى.

في كلّ عالمنا العربي عمومًا، وفي لبنان بشكل خاص، تجري الأمور بشكل مختلف قليلًا.

ترى إعلاميين ومؤثرين وعاملين بالشأن العام وقد ظنّوا أن حال الحرب تضعف المقاومة، أو تشكّل مرحلة زمنية يسهل فيها استهداف المقاومين، فيتسابقون إلى التصويب على منظومة المقاومة بكلّ تشكيلاتها، بل ولا يستحون حتى من الكذب علانية بشأن المعركة، ويبدعون في إظهار الشماتة بكل إصابة تحلّ في الجسم المقاوم، مجاهرين، بعد أن فقدوا كلّ ذرّة من الحياء الوطني، برغبتهم المريضة بأن تتمكّن “إسرائيل” من هزيمة حزب الله. وفي الوقت نفسه، تراهم يتباكون على حال النازحين من أهل الجنوب، يزايدون عليهم وعلى المقاومة في الحرص على حياتهم وأملاكهم، من دون أن يتساءلوا برهة عن معنى وثمن الحرص الشديد الذي تتحرك فيه المقاومة لحماية كلّ الناس.

ترى منهم من يقوم بتحريض العدو علانية، أو بتبنّي الخطاب المعادي مع تضمينه تهديدات لم يتجرّأ العدو أصلًا على النطق بها، كأن ينقل هذا أو ذاك خبرًا يدّعي وروده في إحدى الصحف الإسرائيلية ويقول إن :”نتنياهو سيعلن الحرب على لبنان خلال ساعات”. وآخر يتحدّث عن خسائر مهولة تخفيها المقاومة ولا تعلن عنها، فيما يتجاهل حقيقة يعرفها العدوّ جيّدًا وهي أن هذه المقاومة تفخر بشهدائها وبكلّ بذل تقدّمه في كلّ معركة تخوضها وينعم بالنصر فيها الجميع، حتى الذين يعادونها.

لو يتفكّر هؤلاء برهة في مصالحهم، بعيدًا عن أي موقف يلزمهم كأدوات بمعاداة المقاومة، لوجدوا أنه لو لا قدّر الله وهزمت هذه المقاومة لعاملهم المشغلون كما تُعامَل الخردة، ولفقدوا أي احتمال أن يعيش أولادهم آمنين في بلدهم.. لو قاسوا الأمور بمعيار الأخلاق، الأخلاق فقط، لوجدوا أنّ ما يُبذل في هذه الحرب إنّما يُبذل فداء عن الكلّ، ودفاعًا عن الكلّ من دون أي اعتبار سياسي أو مذهبيّ أو طائفيّ.. ولو شاؤوا اعتماد العقل والمنطق معيارًا وحيدًا لقياس الأمور، لخجلوا من الظهور بمظهر الأغبياء الكاذبين وصمتوا، عوض النطق ضدّ المقاومة بما لا يقبله عقل ولا ينطبق عليه منطق. ولو حسبوها بالعاطفة وبالإنسانية، لقتلهم الحياء قبل أن يلفظوا حرفًا يدين إنسانيتهم ويكسو أسماءهم بعار الخيانة إلى الأبد.

يجولون في كلّ مكان متاح لهم، ليبشروا بهزيمة يعجز عن الاتيان بها العدو مهما فعل، جاهلين بروح المقاومة وقدرات هذه الروح أو متجاهلين لها، وجاهلين بحتمية انتصار الحقّ مهما طال أمد الصراع بينه وبين الباطل. خاب هؤلاء في كلّ ما فعلوا، وما علّمتهم الخيبات سوى الغرق أكثر في مستنقع ينعق كلّ ما فيه ضدّ المقاومة. صارت لغتهم وكلّ مفرداتهم لا تجيد إلا تركيب الكلمات الخالية من أي صوت إنساني ومن أي دلالة أخلاقية ومن أي معنى وطني، أي الكلمات التي تستتّر خلف العربية لتنطق بالعبري الصهيوني، وأكثر.

 

قد يعجبك ايضا